المرأة العربية بين ثورات الربيع ورهانات التغيير
لطالما سعت المرأة العربية للنهوض بأوضاعها في ظل ما تعيشه من دونية على مستويات متعددة. وقد شكلت ثورات الربيع فرصة لإبراز قدراتها في ميادين التحرير. ولعل هذا ما تظهره المقالات الصحفية الموسومة على التوالي بثائرات ميدان التحرير ضحين بثلاث نساء من أجل التغيير « نواعم » الثورات العربية..ياسمين وورد بلدي في مظاهرات الغضب لنهى عمر، والمرأة العربية في زمن الثورة لصاحبه عبد العزيزالحص، وربيع المرأة العربية لم يحل بعد بقلم نقولا ناصر، بالإضافة إلى رسم ساخر لعلي فرزات، وقصيدة شعرية لنزار قباني تحت عنوان ثقافتنا. سنحاول من خلال هذا التركيب أن نرى كيف ساهمت المرأة العربية في ثورات الربيع دون أن تحقق التغيير الذي تطمح له . سنتوقف أولا عند نجاحها في المشاركة في إسقاط الأنظمة السياسية ، ثم نستقرئ إخفاقها في تحقيق أهدافها التورية .
لقد تمكنت المرأة العربية من تأكيد حضورها في ميادين التحرير كما أشار إلى ذلك المقال الأول حيث ترى نهى عمر أن المرأة العربية شكلت محورا أساسيا للمظاهرات الشعبية
في عدد من الأقطار العربية، إذ شاركت بجانب الرجل في المطالبة بالتغييروالحرية ، وفي السياق ذاته أكد عبد العزيز الحص أن المرأة هي غالبا من تتصدر الصفوف في أوقات الأزمة لتنقد البشرية. فعندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الحقوق المدنية التي لا تقبل المساومة مثل الحرية والعدالة ، تدوب الاعتبارات القائمة على الجنس والدين والوضع الاجتماعي ، وهنا تلتقي نهى عمر مع نقولا ناصر حيث يبرز هذا الأخير على لسان نوال السعداوي أن هذه المشاركة كانت على قدم المساواة بين الرجل والمرأة في عدد من البلدان العربية. ولعل ما يبرز هذا الدور المحوري الذي لعبته المرأة العربية هو منظر والدة البوعزيزي وسط الناشطين في تونس كما جاء ذلك في المقال الثاني.
.فلا شك إذن أن المرأة العربية ساهمت من خلال مشاركتها الفعلية في نفض العالم العربي نفضا حسب تعبيرعبد العزيز الحص. إلا أن هذه الجهود لم تغير وضع المرأة العربية، فبعد كل هذه الثورات تم إسقاط الأنظمة السياسية فحسب، ولم تتمكن النساء من تحقيق أهدافهن الثورية. وهذا ما يبرزه نقولا ناصر في الوثيقة الثالثة،حيث يرى أن ربيع المرأة العربية لم يحل بعد ، إذ طلب من النساء المصريات العودة إلى بيوتهن مباشرة بعد انتهاء الثورة . هذا يعني أن المرأة وجدت نفسها في حاجة للقيام بثورة من نوع آخر: أولا الثورة على نفسها، باعتبار أن هناك نساء يكرسن دونيتهن بأنفسهن ،كما جاء في مقال عبد العزيز الحص، حيث ظهرت نساء ضمن حركة سعودية تحت شعار »ولي أمري أدرى بأمري ». ثانيا،الثورة ضد الفكر الذكوري الذي يستمر في اختزال المرأة في الجسد واعتبارها وسيلة لتحقيق رغبات الرجل،كما أبرز ذلك الشاعر نزار قباني في قصيدته، حيث يلتقي مع علي فرزات في تجسيد وضع المرأة العربية التي لا تزال حبيسة الفكر الذكوري المتحجر، إذ يستمر الرجل الشرقي في سجن المرأة خوفا من تحررها. فيكون هذا الوضع هو الذي أشعر المرأة العربية بخيبة الأمل، حسب تعبير نقولا ناصر،حيث فطنت إلى أن المجتمعات العربية ليست مستعدة بعد لتقبل مبادئ التحرر والمساواة بين الجنسين.
وفي الختام يتضح أن الوثائق تناولت واقع المرأة العربية في خضم مظاهرات الربيع،مبرزة أن المرأة سجلت حضورا وازنا في المظاهرات الشعبية لتتفاجأ بعد انتهاء الثورة أنها في حاجة للقيام بثورة فكرية قبل الثورة ضد الأنظمة السياسية.